الأحد، 26 أكتوبر 2008

الإبداع نظام الوجود




الإبداع هو التعميق الأسمى للحياة وإعطاء الابتكار واقعاً وجدانيا حريصاً على تكميل جميع معطيات الفكر والإنتاج الإنساني لتحقيق أبعاد إنمائية ، مهمتها رفد الواقع بمزيد من العطاء والتطور على كافة المستويات، وبالتالي إحداث نقلات نوعية نموذجية في تاريخ التطور الإنساني.
تظهر أهمية الإبداع في تقريب الحياة والمفاهيم المتنوعة للإنسانية، بشكل يؤدي إلى اندماجها وصياغة واقعها المتكامل، وبناء أسس نهضوية قائمة على الامتلاك الأمثل والمتكافئ للإنتاج الإنساني، وصيرورة هذا الامتلاك فيما يحقق النمو المطرد للحياة الاجتماعية والاقتصادية ويعمل لتعميق آفاق المعرفة بكافة مجالاتها، واختيار المفاهيم الأكثر حرصاً وفائدة لتأسيس الإنسان وتحقيق وجوده الإنساني، بعيداً عن أية مؤثرات قد تؤدي إلى التبعية أو الفوقية،وتعرقل عملية الانسجام وتدفع إلى التناحر لأسباب هي في غاية المرضية والانحراف. وليس الإبداع التخصصي هو ما يعطي النمو المتكافئ والقفزات الرامية إلى تحقيق التطور في كافة ميادين الحياة . الإبداع التخصصي هم إبداع في جانب ما مع بقاء جميع الجوانب المتبقية على حالتها مما يؤدي إلى تباين في واقع النمو والتطور، ويؤدي كذلك إلى استغلال هذا الإبداع، فيما يحقق الطموح الشخصي المليء بالنفعية وحبُ التفوق والاستغلال ، ويجعل التباينات كبيرة في المواقف الإنسانية الناجمة عن ذلك، والمؤدية إلى تشويه وعرقلة المسيرة الإنسانية والحد من طاقاتها، فالمتمكن من الحياة وصاحب القدرة سواء أكان مؤسسة أو شركة إلى ما هنالك يستغل الإبداع التخصصي لإظهار تفوقه، وتحقيق مكاسب قد تكون أداة عرقلة أو كابوساً يلاحق الآخرين بالرعب أو يقوم بتطوير فئة أو دولة ... إلخ، ويبقى الآخرين تابعين لهذا التطور وخاضعين له ، فيظل التناقض واقعاً سائداً ومعرقلاً لمسيرة الوفاق الإنساني.
الإبداع التخصصي هو في واقعه تابع ومرتهن ن مرتكز في أساسه على النفعية لأنه لا يلبي الاحتياج الأسمى للإنسانية. بالإضافة إلى أنه يخلق فروقاً في طاقات الشعوب، وفي إمكانيات عطائها. وإن خلق مثل هذا التفاوت يجعل من إمكانية نقل الإبداع أو الإنتاج الإبداعي علية استغلالية تؤدي إلى خلق فروق اجتماعية واقتصادية وفكرية بين البشر، مما يمهد إلى انتشار أفكار قاصرة وسطحية، كما حدث في نشوء الفكر النازي والفاشي والمالتوسي، وغيرها من الأفكار المبنية على قصر النظر والفهم غير العلمي للحقيقة الإنسانية .
الإبداع الحر هو إبداع اللاقيود، وغير المقيد بأي وضعية يجعله تابعاً ومتخصصاً، الإبداع الحر هو عطاءٌ لا محدود في واقع بلا حدود ولا مقيد ولا تابع، إنه الانتصار العظيم على جميع المعوقات المؤدية إلى تشكيل فروقات إنسانية بيت الشعوب، وغير متخصص لفائدة نوع ضد نوعٍ آخر، إنه كمالية العمل المؤدي إلى خدمة جميع البشر بدون تمييز ، ومن ناحية أخرى هو إبداع لا تخصصي على المستوى الشخصي ، فالمبدع عليه أن يكون منسجم مع ذاته أولاً، وعليه أن يكون جديداً بجميع نواحي الحياة التي يعيشها ، يجب أن ينظر إلى الإبداع على أته صيغة كاملة تشمل جميع العطاءات المرافقة لمسيرة الحياة مع الآخرين ، الإبداع الحقيقي هو الصيغة الجوهريّة للحياة ذاتها ، وإعطاء قيمة الإنسان الشكل الأكثر بعداً ووجدانية.
وأخيراً إنه عملية خلق الإنسان بعيداً عن الشوائب.

حسين عجمية
ansaroz@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: